این سوره را سه نامست: سورة النبإ، و سورة التساول و سورة المعصرات، جمله‏


چهل آیتست، صد و هفتاد و سه کلمت و هفتصد و هفتاد حرف، همه به مکه فرو آمد، باجماع مفسران در مکیات شمرند. و در این سوره ناسخ و منسوخ نیست، و آخر سورتى است که به مکه فرو آمد، پس از آن رسول خدا (ص) هجرت کرد به مدینه.


روى عن ابى بن کعب قال: قال رسول الله (ص): «من قرأ عم یتساءلون سقاه الله عز و جل برد الشراب یوم القیامة. و عن ابى الدرداء قال: قال رسول الله (ص): «تعلموا سورة عم یتساءلون عن النبإ الْعظیم و تعلموا «ق و الْقرْآن الْمجید»، «و النجْم إذا هوى‏»، «و السماء ذات الْبروج»، «و السماء و الطارق»، فانکم لو تعلمون ما فیهن لعطلتم ما انتم فیه و تعلمتموهن و تقربوا الى الله سبحانه بهن ان الله یغفر بهن کل ذنب الا الشرک بالله» و عن ابى بکر الصدیق قال: قلت یا رسول الله: لقد اسرع الیک الشیب. قال: شیبتنى هود و الواقعة و المرسلات و عم یتساءلون و اذا الشمس کورت.


«عم» اصله عن ما، فادغمت النون فی المیم لاشتراکهما فی الغنة و حذفت الف ما، کقولهم: فیم و بم، و معناه: عن اى شی‏ء یتساءل هولاء المشرکون و ذلک ان النبی (ص) لما دعاهم الى التوحید و اخبرهم بالبعث و تلا علیهم القرآن جعلوا یتساءلون بینهم، فیقولون: ما ذا جاء به محمد. قال الزجاج: اللفظ لفظ استفهام و معناه التفخیم للقصة کما تقول اى شی‏ء زید؟ اذا عظمت امره و شأنه ثم ذکر ان تساءلهم عما ذا؟ فقال: عن النبإ الْعظیم. قال مجاهد و الاکثرون: هو القرآن، دلیله قوله عز و جل: «قلْ هو نبأ عظیم» و اختلافهم فیه: انهم قالوا: أ هو من الله ام من کلام بشر ام سحر و کهانة؟ فآمن به بعض و کفر به بعض. و قال قتادة و الزجاج: هو القیامة و البعث بدلیل قوله عقیبه: إن یوْم الْفصْل کان میقاتا. و الضمیر فی یتساءلون للکفار و المومنین جمیعا، و اختلافهم فیه انهم صاروا ثلاث فرق: فرقة یعلمون انها الحق، و فرقة نشزت فقالت: لا تأتینا الساعة، و فرقة یمارون فیها و یقولون: احق هو ان نظن الا ظنا و ما نحن بمستیقنین. و قیل: النبإ الْعظیم امر محمد (ص) و نبوته، و کانوا مختلفین فی تصدیقه و تکذیبه.


«کلا» ردع عن الاختلاف، اى ارتدعوا لیس الامر کما ظننتم «سیعْلمون» عاقبة امرهم.


ثم کلا سیعْلمون ما ینالهم یوم القیامة من عذاب الجهنم. و قیل: ثم کلا سیعْلمون ما ینال المومنین من الثواب فی الجنة ثم دل بما اظهر من قدرته على ما انزل من وعده فقال: أ لمْ نجْعل الْأرْض مهادا استفهام بمعنى التقریر، اى ذللناها لهم حتى یسکنوها و یسیروا فی مناکبها. و قیل: «مهادا» اى فراشا یمکن الاستقرار علیها و مهادا یجوز ان یکون واحدا، و یجوز ان یکون جمع مهد و انما جاز جمعه لاختلاف اماکنها من القرى و البلاد و لاختلاف التصرف فیها حفرا و زرعا و بناء و سیرا.


و الْجبال أوْتادا للارض لولاها ارتجت بالزلازل و الریاح.


و خلقْناکمْ أزْواجا اصنافا و الوانا. و قیل: ذکورا و اناثا.

و جعلْنا نوْمکمْ سباتا اى قطعا عن العمل راحة لا بد انکم لان اصل السبت القطع و منه سبت رأسه اى حلقه. قیل اصل السبت التمدد و الاستراحة. یقال: سبتت المرأة شعرها اذا مدته و اطالته و قال الزجاج: السبات ان ینقطع عن الحرکة و الروح فیه. و قیل: للنائم مسبوت لا یعمل و لا یعقل کانه میت.


و جعلْنا اللیْل لباسا یشملکم لتستریحوا، و قیل: غطاء و غشاء یستر کل شی‏ء بظلمته و جعلْنا النهار معاشا اى وقتا و سببا لمعاشکم و اکتسابکم و سمى الکسب معاشا لانه یعاش به. قال ابن عباس: یرید تبتغون فیه من فضل الله و ما قسم لکم من رزقه و المعاش: المصدر، تقول: عاش یعیش عیشا و معاشا.


و بنیْنا فوْقکمْ سبْعا شدادا اى سبع سماوات طباقا صلابا وثاقا محکمة البناء لا یبلیهن الایام و اللیالى وصفها بالشدة حیث امسکها عن السقوط و رفعها بغیر عمد، فهى لا تزول عما خلقها الله تعالى علیه.


و جعلْنا سراجا اى جعلنا الشمس سراجا وهاجا نیرا متلالئا وقادا حارا.


قال مقاتل: جعل فیه نورا و حرارة، و الوهج یجمع النور و الحرارة، و یقال: ان الشمس و القمر خلقا فی بدو امرهما من نور العرش و یرجعان فی القیامة الى نور العرش و ذلک فیما


روى عکرمة عن ابن عباس انه قال: الا احدثکم بما سمعت من رسول الله (ص) یقول فی الشمس و القمر و بدء خلقهما و مصیر امرهما؟ قال: قلنا بلى یرحمک الله. فقال: ان رسول الله (ص) سئل عن ذلک، فقال: ان الله عز و جل لما ابرم خلقه احکاما و لم یبق من خلقه غیر آدم خلق شمسین من نور عرشه، فاما ما کان فی سابق علمه ان یدعها شمسا فانه خلقها مثل الدنیا ما بین مشارقها و مغاربها و ما کان فی سابق علمه ان یطمسها و یحولها قمرا فانه خلقها دون الشمس فی العظم، و لکن انما یرى صغرهما من شدة ارتفاعهما فی السماء و بعدهما من الارض. فلو ترک الله عز و جل الشمس و القمر کما کان خلقهما فی بدو امرهما لم یعرف اللیل من النهار و لا النهار من اللیل و کان لا یدرى الاجیر متى یعمل و متى یأخذ اجره، و لا یدرى الصائم متى یصوم و متى یفطر، و لا تدرى المرأة متى تعتد، و لا یدرى المسلمون متى وقت صلوتهم و متى وقت حجهم. فکان الرب جل جلاله انظر لعباده و ارحم بهم، فارسل جبرئیل فامر جناحه على وجه القمر فطمس عنه الضوء و بقى فیه النور


فذلک قوله: و جعلْنا اللیْل و النهار آیتیْن فمحوْنا آیة اللیْل و جعلْنا آیة النهار مبْصرة الآیة. فالسواد الذى ترون فی القمر شبه الخطوط فیه فهو اثر المحو، قال: فاذا قامت القیامة و قضى الله بین الناس و میز بین اهل الجنة و النار و لم یدخلوهما بعد یدعو الرب جل جلاله بالشمس و القمر فیجاء بها اسودین مکورین قد وقعا فی زلال و بلابل ترعد فرائصهما من هول ذلک الیوم و مخافة الرحمن فاذا کانا حیال العرش خر الله ساجدین فیقولان: الهنا قد علمت طاعتنا لک و دوبنا فی عبادتک و سرعتنا للمضى فی امرک ایام الدنیا فلا تعذبنا بعبادة المشرکین ایانا، فقد علمت انا لم ندعهم الى عبادتنا و لم نذهل عن عبادتک. فیقول الرب تبارک و تعالى: صدقتما، انى قد قضیت على نفسى ان ابدى و اعید و انى معید کما الى ما بدائکما فارجعا الى ما خلقتکما منه. فیقولان: ربنا مم خلقنا؟ فیقول خلقتکما: من نور عرشى فارجعا الیه قال: فتلتمع من کل واحد منهما برقة تکاد تخطف الأبصار نورا فتخلطان بنور العرش فذلک قوله: «یبْدئ و یعید». قوله:


و أنْزلْنا من الْمعْصرات قال مجاهد و قتادة و مقاتل: الْمعْصرات الریاح لانها تعصر السحاب لیمطر فعلى هذا التأویل من بمعنى الباء، اى انزلنا بالریاح المعصرات ماء ثجاجا و ذلک ان الله عز و جل یبعث الریح فیثیر السحاب فیحمل الماء من السماء فیدرکما تدر اللقحة و تضربه الریح فینزل متفرقا حتى لا یدق الارض و الخلق.


و قال ابو العالیة و الضحاک و ابن عباس: «الْمعْصرات»: السحائب، یقال: اعصر السحاب، اذا حان ان یمطر و اعصرت المرأة اذا دنا حیضها و ارکب المهر اذا حان وقت رکوبه: و قال الحسن و سعید بن جبیر و مقاتل بن حیان و زید بن اسلم: «من الْمعْصرات» اى من السماوات.


ماء ثجاجا: صبابا مدرارا متتابعا یتلوا بعضه بعضا «لنخْرج به» اى بالمطر «حبا» مما یأکله الناس «و نباتا» مما ترعاه الدواب. و قیل: الحب ما یحرث و یزرع، و النبات ما ینبت من الارض بنفسه. و قیل: الحب اللولو، و اصله من المطر و النبات ما ینبت على الارض بنفسه و روى عن عکرمة: ما انزل الله من السماء قطرة الا انبت بها فی الارض عشبة و فی البحر لولوة.


و جنات ألْفافا اى بساتین ملتفة الاشجار واحدها لف و لفیف.


إن یوْم الْفصْل یعنى: یوم القیامة یفصل فیه بین الخلق کان میقاتا لما وعده الله من الثواب و العقاب. و قیل: کان ها هنا صلة.


یوْم ینْفخ فی الصور هذه هى نفخة الدعوة و هی النفخة الثالثة، الاولى نفخة الفزع و الثانیة نفخة الصعقة و الثالثة نفخة القیام من القبور. فتأْتون أفْواجا زمرا زمرا کل امة بامامهم کقوله: «و یوم نبعث منْ کل أمة فوْجا».


روى البراء بن عازب قال: کان معاذ بن جبل جالسا قریبا من رسول الله (ص) فی منزل ابى ایوب الانصارى فقال معاذ: یا رسول الله أ رأیت قول الله عز و جل. یوْم ینْفخ فی الصور فتأْتون أفْواجا؟ فقال یا معاذ، سألت عن عظیم من الامر ثم ارسل عینیه ثم قال یحشرون عشرة اصناف من امتى اشتاتا قد میزهم الله تعالى من جماعة المسلمین و بدل صورتهم، فبعضهم على صورة القردة و بعضهم على صورة الخنازیر و بعضهم منکسین ارجلهم فوق وجوههم یسحبون علیها و بعضهم عمى یترددون و بعضهم صم بکم لا یعقلون و بعضهم یمضغون السنتهم فهى مدلاة على صدورهم یسیل القیح من افواههم لعابا یقذرهم اهل الجمع و بعضهم منقطعة ایدیهم و ارجلهم و بعضهم مصلبین على جذوع من نار و بعضهم أشد نتنا من الجیف و بعضهم یلبسون جبابا سابغة من قطران لازقة بجلودهم. فاما الذین على صورة القردة فالقتات من الناس یعنى النمام، و اما الذین على صورة الخنازیر فاهل السحت و المنکسون على وجوههم فاکلة الربوا و العمى من یجور فی الحکم و الصم البکم المعجبون باعمالهم و الذین یمضغون السنتهم. فالعلماء و القصاص الذین خالف قولهم اعمالهم و المقطعة ایدیهم و ارجلهم الذین یوذون الجیران و المصلبون على جذوع من نار فالسعاة بالناس الى السلطان و الذین هم أشد نتنا من الجیف فالذین یتمتعون بالشهوات و اللذات و منعوا حق الله تعالى من اموالهم، و الذین یلبسون الجباب فاهل الکبر و الخیلاء.


قوله: و فتحت السماء قرأ اهل الکوفة: فتحت بالتخفیف و الباقون بالتشدید، اى شققت لنزول الملائکة فکانت ابوابا، اى ذات ابواب. و قیل: تنحل و تتناثر حتى تصیر فیها ابواب و طرق و فروج «و مالها الیوم منْ فروج». و قیل: ان لکل عبد ما بین فی السماء بابا لعمله و بابا لرزقه، فاذا قامت القیامة انفتحت الأبواب.


و سیرت الْجبال فکانتْ سرابا اى ازیلت عن اماکنها فصارت کالسراب.


قال ابن عباس: ذلک عند الفزع الاول فازالها عن اماکنها فصارت کما قال سبحانه: تحْسبها جامدة و هی تمر مر السحاب ثم یدرکها الفزع الثانی فصارت «کالْعهْن الْمنْفوش» ثم یدرکها الفزع الثالث فصارت کثیبا مهیلا، ثم یدرکها الفزع الرابع فسیرت فی الارض و ذهب بها و ذلک قوله: «و إذا الْجبال نسفتْ» اى ازیلت بسرعة حتى لا یبقى اثر: إن جهنم کانتْ مرْصادا اى طریقا و ممرا فلا سبیل الى الجنة حتى.


تقطع النار و قیل: محبسا و موضع رصد کالمضمار لحلبة الخیل. الحلبة خیل تجمع للسباق من کل اوب و المضمار: الموضع. قال ابن عباس: ان على جسر جهنم سبعة محابس یسأل العبد عند اولها عن شهادة ان لا اله الا الله، فان جاء بها تامة جاز الى الثانی فیسأل عن الصلاة فان جاء بها تامة جاز الى الثالث فیسأل عن الزکاة، فان جاء بها تامة جاز الى الرابع، فیسأل عن الصوم فان جاء به تاما جاز الى الخامس، فیسأل عن الحج فان جاء بها تاما جاز الى السادس، فیسأل عن العمرة فان جاء بها تامة جاز الى السابع فیسأل عن المظالم فان خرج منها و الا یقال: انظروا فان کان له تطوع اکمل به اعماله، فاذا فرغ به انطلق الى الجنة. و المرصاد، مفعال من الرصد و المعنى: انها ذات ارتقاب لاهلها تراصدهم بنکالها و عقوبتها.


للطاغین مآبا اى مرجعا لمن تجاوز الحد فی الطغیان و الکفر.


«لابثین» قرا حمزة و یعقوب: «لبثین» و قراءة العامة «لابثین» بالالف، و هما لغتان. فیها أحْقابا جمع حقب و هو ثمانون سنة کل سنة ثلاث مائة و ستون یوما، کل یوم الف سنة مما یعده بنو آدم، و روى نافع عن ابن عمر عن النبی (ص) قال: «و الله لا یخرج من النار من دخلها حتى یکونوا فیها أحْقابا و الحقب بضع و ثمانون سنة و السنة ثلاثمائة و ستون یوما کل یوم کالف سنة مما تعدون فلا یتکلن احد على ان یخرج من النار.


قال الحسن: ان الله لم یجعل لاهل النار مدة، بل قال: لابثین فیها أحْقابا فو الله ما هو الا انه اذا مضى حقب دخل آخر الى الابد فلیس للاحقاب عدة الى الخلود و عن عبد الله ابن مسعود قال: لو علم اهل النار انهم یلبثون فی النار عدد حصى الدنیا لفرحوا و لو علم اهل الجنة انهم یلبثون فی الجنة عدد حصى الدنیا لحزنوا و قال مقاتل بن حیان: الحقب الواحد سبع عشرة الف سنة. قال: و هذه الآیة منسوخة نسختها فلنْ نزیدکمْ إلا عذابا یعنى: ان العدد قد ارتفع و الخلود قد حصل. و عن خالد بن معدان قال: هذه الآیة فی اهل القبلة لانهم لا یخلدون فیها، و قیل: تم الکلام على قوله: «فیها» ثم قال: «احقابا».


لا یذوقون فیها اى فی جهنم «برْدا» اى روحا و راحة. و قیل: البرد النوم لان النائم یبرد جوفه اذا نام. و قال مقاتل: لا یذوقون فیها بردا ینفعهم من حر و لا شرابا ینفعهم من عطش.


إلا حمیما ماء حارا یحرق ما یأتى علیه. و قیل: هو دموع عیون اهل النار «و غساقا». قال ابن عباس: الغساق: الزمهریر یحرقهم ببرده. و قیل هو الصدید و ما سال من جلود اهل النار. و قیل: هو المنتن الاسود، و قال شهر بن حوشب: الغساق واد فی النار فیه ثلاث مائة و ثلاثون شعبا فی کل شعب ثلاث مائة و ثلاثون بیتا فی کل بیت اربع زوایا، فی کل زاویة شجاع کاعظم ما خلق الله من الخلق، فی رأس کل شجاع سم.


و قیل: معنى الآیة «لا یذوقون» فی تلک الاحقاب إلا حمیما و غساقا ثم یلبثون احقابا یذوقون غیر الحمیم و الغساق من انواع العذاب نهر توقیت لانواع العذاب لا لمکثهم فی النار.


جزاء وفاقا اى جازیناهم جزاء وافق اعمالهم. قال مقاتل: وافق العذاب الذنب فلا ذنب اعظم من الشرک و لا عذاب اعظم من النار، ثم وصف اعمالهم فقال: إنهمْ کانوا لا یرْجون حسابا اى لا یخافون محاسبة الله ایاهم. قال الزجاج: یعنى لا یومنون بالبعث فیرجوا ثواب حساب.


و کذبوا بآیاتنا اى بما جاءت به الانبیاء «کذابا» اى تکذیبا و هی لغة یمانیة فصیحة یقولون: خرقت القمیص خراقا و قرئ «کذابا» بالتخفیف مصدر کاذب.


و کل شیْ‏ء أحْصیْناه کتابا اى کل شی‏ء من اعمال الخلق بیناه فی اللوح المحفوظ کقوله: و کل شیْ‏ء أحْصیْناه فی إمام مبین. قوله: و کل شیْ‏ء منصوب بفعل مضمر، اى احصینا کل شی‏ء احصیناه. و کتابا نصب على المصدر. اى کتبناه کتابا و یجوز ان یکون نصبا على الظرف، اى فی کتاب و هو اللوح المحفوظ. و قیل: احصته الملائکة فی کتاب، یعنى: فی صحف الاعمال.


«فذوقوا» اى یقال لهم فذوقوا فلنْ نزیدکمْ إلا عذابا سئل الحسن عن اشد آیة فی القرآن على اهل النار فقال الحسن: سألنا ابا برزة الاسلمى، فقال: سألت رسول الله (ص) فقال: فذوقوا فلنْ نزیدکمْ إلا عذابا قیل: لما سمعوا ذلک أیسوا من الخروج. قوله: إن للْمتقین مفازا المفاز موضع الفوز و الفوز النجاة، اى للذین اتقوا من الشرک و الکفر و الفواحش نجاة من العذاب و وصول الى الجزیل من الثواب، ثم فسر فقال: «حدائق» جمع حدیقه، و هى البستان المحاط به و «أعْنابا»، جمع عنب.


«و کواعب» اى جوارى عذارى جمع کاعب و هی الناهدة التى بلغت النکاح و ظهر ثدیها و نتأ نتوء الکعب. «أتْرابا» اى مستویات فی السن على سن ثلاث و ثلاثین سنة. فقیل: اراد بذلک ازواجهن من الآدمیات، و قیل: هن الحور و لیس المراد بذلک صغر السن، لکن المراد رواء الشباب، اى ماء الشباب جار فیهن لم یشبن و لم یتغیر عن حد الحسن حسنهن.


و کأْسا دهاقا مترعة مملوءة متتابعة صافیة، الدهاق مصدر داهق مداهقة و دهاقا، اى تابع و ادهقت الحوض اى ملأته و الکأس فی القرآن: هى کأس الخمر حیثما وجدتها.


لا یسْمعون فیها اى فی الجنة «لغْوا» باطلا من الکلام «و لا کذابا» یعنى: و لا تکذیبا، اى لا یکذب بعضهم بعضا. قرأ الکسائى: «کذابا» بالتخفیف مصدر کاذب، اى لا یکذب بعضهم مع بعض.


جزاء منْ ربک عطاء اى جازاهم جزاء و اعطاهم عطاء فهما منصوبان بالمصدر و قوله: «حسابا» اى کافیا وافیا کثیرا یقال: احسبت فلانا، اى اعطیته ما یکفیه حتى قال: حسبى و المراد ان لهم فی الجنة جمیع ما یشتهون و قیل معنى: عطاء حسابا اى على حساب العمل و عند الله المزید.


رب السماوات و الْأرْض و ما بیْنهما الرحْمن اى خالقهما و مالکهما و مالک ما بینهما الرحمن. قرأ اهل الحجاز و ابو عمرو: «رب»، بالرفع على الاستیناف و «الرحمن» خبره. و قرأ الآخرون: «رب» بالجر اتباعا لقوله: من ربک، و قرأ ابن عامر و عاصم و یعقوب: «الرحمن» بالجر اتباعا لقوله: «رب السماوات» و قرأ الآخرون: «الرحْمن» بالرفع و حمزة و الکسائى یقرءان «رب» بالخفض لقربه من قوله: جزاء منْ ربک و یقرءان «الرحمن» بالرفع لبعده منه على الاستیناف. و قوله: «لا یمْلکون» فی موضع خبره. و معنى لا یمْلکون منْه خطابا قال مقاتل: لا یقدر الخلق على ان یکلموا الرب الا باذنه، و قال الکلبى: لا یشفع احد لاحد الا باذنه.


یوْم یقوم الروح و الْملائکة صفا قال الشعبى و الضحاک: «الروح» جبرئیل (ع) و قال عطاء عن ابن عباس: «الروح» ملک من الملائکة ما خلق الله مخلوقا اعظم منه فاذا کان یوم القیامة قام هو وحده صفا و قامت الملائکة کلهم صفا واحدا فیکون عظم خلقه مثلهم. و قال مجاهد و قتادة و ابو صالح: «الروح» خلق من خلق الله على صورة بنى آدم لهم اید و ارجل و روس یأکلون و یشربون، لیسوا من الملائکة و لا من الجن و لا من الانس ما نزل من السماء ملک الا و معه واحد منهم. و قال ابن مسعود: «الروح» ملک اعظم من السماوات و من الجبال و من الملائکة و هو فی السماء الرابعة یسبح کل یوم اثنى عشر الف تسبیحة یخلق من کل تسبیحة ملک یجی‏ء القوم یوم القیامة «صفا» وحده. و قال الحسن: هم بنو آدم، و معناه: ذوو الروح، و قال عطیة عن ابن عباس: هى ارواح الناس تقوم مع الملائکة فیما بین النفختین، قبل ان ترد الارواح الى الاجساد. و فی روایة الضحاک عن ابن عباس، قال: عن یمین العرش نهرا من نور مثل السماوات السبع و الارضین السبع و البحار السبعة یدخل جبرئیل (ع) فیه کل سحر فیغتسل فیزداد نورا الى نوره و جمالا الى جماله و عظما الى عظمه، ثم ینتفض فیخرج الله من کل قطرة تقع من ریشه کذا و کذا الف ملک یدخل منهم کل یوم سبعون الف ملک البیت المعمور و سبعون الفا الکعبة لا یعودون الیهما الى ان تقوم الساعة. و قال وهب: ان جبرئیل (ع) واقف بین یدى الله عز و جل ترعد فرائصه یخلق الله سبحانه و تعالى من کل رعدة مائة الف ملک و الملائکة صفوف بین یدى الله عز و جل منکسوا روسهم فاذا اذن الله تعالى لهم فی الکلام، قالوا: لا اله الا انت، و هو قوله: یوْم یقوم الروح و الْملائکة صفا لا یتکلمون إلا منْ أذن له الرحْمن ان یتکلم و «قال» فی الدنیا «صوابا» و سدادا من القول. و قیل: معناه من قال لا اله الا الله فی الدنیا یأذن الله لهم فی القیامة ان یتکلموا بالشفاعة فیشفعون و بالاعتذار فیقبل عذرهم، و اما الکافرون فلا یقبل عذرهم و لا یسمع شفاعتهم. و قال الحسن: معناه لا یشفعون لاحد الا لمن اذن الله ان یشفع له و قال المشفوع: له فی الدنیا صوابا صدقا و هو لا اله الا الله.


ذلک الْیوْم الْحق لا باطل فیه و لا ظلم، بل ینتصف الضعیف من القوى و مجیئه حق کائن یوجد لا محالة و قد کانوا فیه على شک فمنْ شاء اتخذ إلى‏ ربه مآبا اى مرجعا حسنا من طاعة یقدمها و زلة یجتنبها لیکون المرجع الى الثواب.


انا أنْذرْناکمْ عذابا قریبا یعنى: العذاب فی الآخرة و کل ما هوآت قریب.


و قیل هو القتل ببدر.وْم ینْظر الْمرْء ما قدمتْ یداه‏ اى یرى جزاء الذى قدمه من خیر و شر کقوله: «یوْم تجد کل نفْس ما عملتْ منْ خیْر محْضرا» «و أن سعْیه سوْف یرى‏» «لیروْا أعْمالهمْ». و قیل: المرء هاهنا المومن یرى کل خیر قدمه فی صحیفته یقول الْکافر یا لیْتنی کنْت ترابا


قال عبد الله بن عمر: و اذا کان یوم القیامة مدت الارض مد الادیم و حشر الدواب و البهائم و الوحش ثم یجعل القصاص بین البهائم حتى تقتص للشاة الجماء من القرناء نطحتها فاذا فرغ من القصاص قیل لها: کونى ترابا. فعند ذلک‏قول الْکافر یا لیْتنی کنْت ترابا


و قال مقاتل: یجمع الله الوحوش و الهوام و الطیر و کل شی‏ء غیر الثقلین فیقول: من ربکم؟ فیقولون: الرحْمن الرحیم.


فیقول لهم الرب تبارک و تعالى بعد ما یقضى بینهم حتى یقتص للجماء من القرناء: انا خلقتکم و سخرتکم لبنى آدم و کنتم مطیعین ایام حیاتکم فارجعوا، اى الذى کنتم کونوا ترابا فیکونون ترابا. فاذا التفت الکافر الى شی‏ء صار ترابا یتمنى، فیقول: یا لیتنى کنت فی الدنیا فی صورة خنزیر رزقى کرزقه و کنت الیوم فی الآخرة ترابا. و قیل: معناه لیتنى لم ابعث و کنت ترابا. و قال عکرمة: بلغنى ان السباع و الوحش و البهائم اذا رأین یوم القیامة بنى آدم و ما هم فیه من الغم و الحزن قلن: الحمد لله الذى لم یجعلنا مثلکم فلا جنة نرجو و لا نارا نخاف. و قال ابو القاسم بن حبیب: رأیت فی بعض التفاسیر ان الکافر هاهنا ابلیس و ذلک انه عاب آدم بانه خلق من التراب و افتخر بانه خلق من النار، فاذا عاین یوم القیامة فضل بنى آدم و المومنین و ما ینالون من انواع الکرامات و راى ما هو فیه من الشدة و العذاب یتمنى و یقول: یا لیتنى خلقت من التراب و لم یصبنى ما اصابنى. قال ابو هریرة: فیقول التراب للکافر لا و لا کرامة لک، من جعلک مثلى و عن ابى الزناد عبد الله بن ذکوان قال اذا قضى‏ بین الناس و امر اهل الجنة الى الجنة، و اهل النار الى النار قیل لسائر الامم و لمومنى الجن: عودوا ترابا. فحینئذقول الْکافر یا لیْتنی کنْت ترابا و قال عمر بن عبد العزیز: ان مومنى الجن حول الجنة فی ربض و رحاب و لیسوا فیها و الاکثرون على ان مومنى الجن مع مومنى الانس فی الجنة و ان کافر بهم مع کافرى الانس فی النار.